هذه الوصية ترن عاليًا في أذان كنيستنا القبطية.. إننا حريصون كل الحرص على الإكليل المُعد لكلٍ منا في الأبدية.. لذلك تحافظ كنيستنا المجيدة على (ما عندها) من إيمان، وصلاة، وتسبيح، وجهاد روحي عميق.. لننال أكاليل النعمة غير المغلوبة في اليوم الأخير
سمى سفر أعمال الرسل، سفر أعمال الروح القدس. ذلك لأن روح الله كان يتعامل فى آبائنا الرسل، طوال حياتهم، وبعد أن حل عليهم وملأهم يوم الخمسين، وعلى أى مدى سنوات خدمتهم التالية. كان "القوة" التى أنتظرها الرسل فى حالة صلاة دائمة، فأخذوها ونالوها. وكان "القائد" الذى يوجه كل تحركاتهم وخدماتهم وأفكارهم. وكان "الفعل" الذى استطاع ان يغير الناس، وكهنة اليهود، وشعوب الأرض، لتؤمن بالسيد المسيح، إلهاً متجسداً، وفادياً ومخلصاً.
وسوف يلتقى دارس سفر أعمال الرسل، بروح الله القدوس، فى كل صفحات السفر، وهذه مجرد أمثلة:
1- قوة الشهادة :
وعد الرب تلاميذه الأطهار بحلول روحه القدوس عليهم فقال: "ولكنكم ستنالون قوة، متى حل الروح القدس عليكم، وتكونون لى شهوداً، فى أورشليم، وفى كل اليهودية، والسامرة، وإلى أقصى الأرض" (أع 8:1).
5 وبالفعل، حينما ندرس سفر أعمال الرسل، سنجد أنه يتحدث عن هذا الانتشار التدريجى الساحق للمسيحية فى العالم. ففى الإصحاحات من 1-7 كانت البشارة منحصرة فى أورشليم حتى رجم اسطفانوس أو الشهداء ونقرأ فى بداية إصحاح 8: "وحدث فى ذلك اليوم اضطهاد عظيم على الكنيسة التى فى أورشليم فتشتت الجميع فى كور اليهودية والسامرة ما عدا الرسل" (أع 1:8).
وهكذا نسمع عن الخدمة فى السامرة، وفى اصحاح 13 تنشر الخدمة إلى كل الأرض من خلال رحلات الرسل الأطهار، خصوصاً الرسول بولس... حتى قيل عنهم انهم "فتنوا المسكونة" (أع 6:17).
2- الملء الدائم :
استخدم سفر أعمال الرسل تعبيرات أو (أزمنة) مختلفة، ليشرح لنا أن الملء بالروح القدس هو جهاد الحياة كلها. لذلك نجد أن الرسل "امتلأوا من الروح القدس يوم الخمسين" (أع 4:2). ثم تجدد الملء مع معلمنا بطرس حين وقف أمام اليهود بعد شفاء المقعد إذ يقول السفر: "حينئذ امتلأ بطرس من الروح القدس وقال" (أع 8:4). ثم نقرأ عن الشمامسة المختارين إنهم كانوا "مملوئين من الروح القدس وحكمة" (أع 3:6)، (انظر أع 5:7،24:11)، ثم يقول السفر عن التلاميذ إنهم: "كانوا يمتلئون من الفرح والروح القدس" (أع 53:13).
إذن فهناك "امتلاء" (أكثر من مرة)، "يمتلئون"، "ممتلئ".. وهذا معناه أن المؤمن يسأل روح الله فى كل وقت أن يملأه، فالملء ميكانيكياً وليس أقنومياً، بل هو عمل روح الله المتجدد فى جميعنا، نأخذه من خلال الإلحاح فى الصلاة قائلين: "تفضل يارب وحل فينا، وطهرنا من كل دنس أيها الصالح، وخلص نفوسنا" (قطع الساعة الثالثة)، ونكررها فى هجعات نصف الليل.
3-عمل روح الله :
إن روح الله يقوم بأعمال جوهرية كثيرة فى حياة المؤمن، نذكر منها على سبيل المثال:
يبكت الإنسان على خطاياه ليتوب عنها (يو 8:16).
? يرشد الإنسان إلى طريق الخلاص (يو 13:16)، (يو 26:14).
? يذكر الإنسان بكلمات الرب فى المواقف المختلفة (يو 26:14).
? يقدس الإنسان ويطهره من أدناس الخطيئة (أع 3:2).
? يثمر فى الإنسان ثمار روح الله القدوس (غل 22:5).
? يعطى مواهب للإنسان فى كل ضيقة تقابله (يو 26:14).
إن الرب قد جهز لنا الفداء على الصليب، وروح الله ينقل بركات الفداء إلينا، لنصير أبناء الآب الذى بذل إبنه الوحيد من أجلنا.
لذلك فالجهاد الأساسى للخادم أن يطلب ملء الروح المتجدد، ليستطيع أن يخدم بالروح، وتكون خدمته روحية.
هيا نصلى معاً "أيها الملك السمائى المعزى، روح الحق الحاضر فى كل مكان، المالىء الكل، كنز الصالحات، معطى الحياة، هلم تفضل وحل فينا وطهرنا من كل دنس أيها الصالح، وخلص نفوسنا